×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

على دينه ولا يساوم عليه، وإذا لم يستطع إقامة دينه في بلدٍ فإنه يهاجر إلى بلدٍ آخر يستطيع فيها إظهار دينه كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ٩٧ إِلَّا ٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ لَا يَسۡتَطِيعُونَ حِيلَةٗ وَلَا يَهۡتَدُونَ سَبِيلٗا ٩٨ فَأُوْلَٰٓئِكَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَعۡفُوَ عَنۡهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَفُوًّا غَفُورٗا ٩٩ [النساء: 97- 99]. فالهجرة يا عباد الله، لها شأنٌ عظيمٌ في الإسلام وهي من أجل الفرار بالدين لا من أجل التمتع والتنزه في البلاد الجميلة، ولا من أجل التجارة، ولا من أجل الرفاهية، وإنما هي من أجل الفرار بالدين، وإعزاز كلمة الله سبحانه وتعالى. هذه هي الهجرة التي أمر الله بها ورسوله وفضَّل أهلها على غيرهم من المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلاَ تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَخْرُجَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» ([1]) فالهجرة باقيةٌ ما بقي الإسلام والكفر إلى أن تطلع الشمس من مغربها في آخر الزمان عند قيام الساعة حينما لا تُقبَل التوبة ممن تاب، ولا يُقبَل الإسلام ممن أسلم ما لم يكن تائبًا من قبلها أو مسلمًا من قبلها، ﴿هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ أَوۡ يَأۡتِيَ رَبُّكَ أَوۡ يَأۡتِيَ بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَۗ يَوۡمَ يَأۡتِي بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفۡسًا إِيمَٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِيٓ إِيمَٰنِهَا خَيۡرٗاۗ قُلِ ٱنتَظِرُوٓاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ [الأنعام: 158]، الآية هي طلوع الشمس من مغربها، فالهجرة باقيةٌ إلى هذا الوقت على كل مسلمٍ يجد ضغطًا عليه وعلى دينه، ويجد إهانةً من الكفار، يجب عليه أن يهاجر إلى بلدٍ يستطيع فيها إظهار دينه ولو ترك أمواله وترك أولاده وترك بلده كما فعل الصحابة وفي مقدمتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (2479)، والدارمي رقم (2513)، وأحمد رقم (16906).