×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

مصر، لما حان هلاك فرعون بعدما رأى الآيات ولم يقبل، أمر الله موسى أن يخرج بقومه من بني إسرائيل من مصر، فخرجوا وسروا بالليل، فلما علم فرعون بخروجهم تغيَّظ وجمع الجنود، وخرج في إثرهم يريد أن يقضي عليهم فلما أصبح الصباح تراءى الفريقان، فريق بني إسرائيل مع موسى وفريق فرعون عند البحر على ساحل البحر عند ذلك خاف بنو إسرائيل من عدوهم لما يعلمون من مكره وجبروته ﴿قَالَ أَصۡحَٰبُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ [الشعراء: 61] ؛ لأن البحر من أمامهم والعدو من خلفهم، وليس لهم مفرٌّ فقال موسى ﴿كَلَّآۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهۡدِينِ [الشعراء: 62] ؛ فأوحى الله إلى موسى فضرب بعصاه البحر فتجمد البحر وصار يبسًا، وصار أمثال الجبال، وصار طرقًا لبني إسرائيل على عدد قبائلهم اثني عشر طريقًا كل قبيلةٍ تسلك من طريقٍ فدخلوا في البحر وهو يبسٌ، ومشوا عليه حتى خرجوا من الساحل الثاني فعندما رآهم فرعون أراد أن يدخل في إثرهم فدخل فرعون وقومه، ومشوا على البحر وهو متجمدٌ يابسٌ، فلما تكاملوا بأن خرج بنو إسرائيل كلهم، ودخل فرعون وقومه كلهم في البحر أطبقه الله عليهم وأغرقهم عن آخرهم، وبنو إسرائيل ينظرون هلاك عدوهم، وبذلك نجى الله موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه وهذه سنة الله جل وعلا، في خلقه أن من عصى رسله وتكَبَّر عن عبادته، فإن الله سبحانه وتعالى يقضي عليه قضاءً مبرمًا، ويجعل الدائرة عليه، فإن هذا الطاغوت تجبر حتى قال: ﴿أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ [النازعات: 24] وحتى قال: ﴿وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ يَٰهَٰمَٰنُ ٱبۡنِ لِي صَرۡحٗا لَّعَلِّيٓ أَبۡلُغُ ٱلۡأَسۡبَٰبَ ٣٦ أَسۡبَٰبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰٓ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُۥ كَٰذِبٗاۚ وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِيلِۚ وَمَا كَيۡدُ فِرۡعَوۡنَ إِلَّا فِي تَبَابٖ ٣٧ [غافر: 36، 37] 


الشرح