×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

التراويح خيرٌ كثيرٌ، ومن صلاها مع الإمام وأكملها مع الإمام فله من الأجر مثل أجر من قام الليل كله، صلاها الصحابة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلافة عمر وبمحضرٍ من المهاجرين والأنصار، صلوها ثلاثًا وعشرين ركعةً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في تهجده الخاص لا يزيد على إحدى عشرة ركعةً أو ثلاث عشرة ركعةً، لكنه كان يطيل القيام، ويطيل الركوع، ويطيل السجود، وقد روى حذيفة بن اليمان -رضي الله تعالى عنهما- روى لنا صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، قال: «قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُمْتُ مَعَهُ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ. فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ. فمَضَى حتَّى أَكْمَلَهَا، ثُمَّ شَرَعَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ حتَّى أَكْمَلَهَا، ثُمَّ شَرَعَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ حتَّى أَكْمَلَهَا» ([1]) -يعني في ركعتين- قرأ أكثر من خمسة أجزاءٍ في ركعتين، ومع هذا كان يقرأ صلى الله عليه وسلم مترسلاً؛ لأن الله قال له:﴿وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا [المزمل: 4] فكانت قراءته صلى الله عليه وسلم مترسلة آيةً آية، وكان يقف عند آية الرحمة فيسأل الله، ويقف عند آية العذاب فيستعيذ بالله، هذه صفة صلاته صلى الله عليه وسلم، ولذلك كان يقتصر على إحدى عشرة ركعةً أو ثلاث عشرة ركعةً ومن يطيق ذلك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصحابة لاحظوا أن المسلمين لا يطيقون قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلوا ثلاثًا وعشرين ركعةً، زادوا في العدد، وخففوا في الهيئة رفقًا بالمسلمين، وعلى كل حالٍ فإن عدد صلاة التراويح إنما يرجع إلى صفة الصلاة، فمن كان يطيل القراءة والركوع والسجود فإنه يقلل من عدد الركعات كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ومن كان يخفف القراءة والركوع والسجود فإنه يزيد في عدد الركعات كفعل الصحابة في خلافة عمر وبمسجد رسول


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (772).