أمر بتقواه أمر المؤمنين أن ينظر كلٌّ منهم لما قدمه لآخرته، وسمى الآخرة غدًا لقربها والغد هو اليوم الذي بعد يومك، فدلَّ على أن الآخرة قريبةٌ؛ لأن ما بينك وبين الآخرة إلا الموت، وأنت لا تدري في أي لحظةٍ تموت فتنتقل إلى الآخرة، وقد تكون قريبةً منك كما قال صلى الله عليه وسلم «الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ» ([1]). فالآخرة قريبةٌ، ما بينك وبينها إلا أن يفاجئك الأجل وتخترمك المنية في أي ساعةٍ من ليلٍ أو نهارٍ فتصبح مرتهنًا بما قدمته من عملٍ قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الإِْنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَث: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ([2]). الشاهد من قوله: «انْقَطَعَ عَمَلُهُ»، فبالموت ينقطع العمل فلا يستطيع المحسن زيادةً من الحسنات ولا يستطيع المسيء تخلصًا من السيئات أما ما دام الإنسان على قيد الحياة فإنه باستطاعته أن يتزود من الحسنات، وأن يتوب من السيئات: ﴿ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ﴾ [الحشر: 18] تنظر في عملها تفكر في عملها فما وجدت فيه من خيرٍ فإنها تحمد الله عليه وتتزود منه، وما وجدت فيه من شرٍّ فلتبادر بالتوبة إلى الله والله يتوب على من تاب، يتوب على الكافر، يتوب على المشرك، يتوب على المنافق، يتوب على العاصي فهو يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات سبحانه وتعالى، ووقت النظر في العمل هو ما دمت على قيد الحياة، فالتجار يجعلون لهم وقتًا يحسبون فيه تجارتهم وينظرون ماذا ربحوا وماذا خسروا من أجل أن يعملوا على ضوء ذلك في المستقبل، هذا في أمور الدنيا ما من
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6123).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد