×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُۖ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ [فاطر: 37]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَا عَمِلَ به» ([1]) فيُسأل عن عمره فيما أفناه، أعطاه الله عمرًا فبماذا صرفه؟ هذا العمر وهذا العصر وقتٌ ثمينٌ، لو أن الناس يفكرون فيه ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ خِلۡفَةٗ لِّمَنۡ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوۡ أَرَادَ شُكُورٗا [الفرقان: 62] ثم قال سبحانه: ﴿إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ [العصر: 2] «أي جميع بني آدم» لا يُثْتثنى منهم: لا ملكٌ ولا صعلوكٌ ولا غنيٌّ ولا فقيرٌ ولا عربيٌّ ولا أعجميٌّ ولا كبيرٌ ولا صغيرٌ، ﴿إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ [العصر: 2] عموم الإنسان ﴿لَفِي خُسۡرٍ [العصر: 2] «أي لفي هلاكٍ وخسارٍ وبوارٍ» إلا من اتصف بأربع صفاتٍ: الصفة الأولى ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ [العصر: 3] الصفة الثانية ﴿وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ [العصر: 3] الصفة الثالثة ﴿وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ [العصر: 3]، الصفة الرابعة ﴿وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ [العصر:3]، فمن اتصف بهذه الصفات الأربع نجا من هذه الخسارة المحققة. الصفة الأولى: الإيمان وهو العلم بالله عز وجل وبأسمائه وصفاته وعبادته وشرعه ودينه؛ لأن العلم يعرِّف بالله ويدل العبد على الإيمان بالله عز وجل، هذه أهمية العلم ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ [العصر: 3] هذه الصفة الثانية؛ لأن الإيمان بدون عملٍ لا ينفع كما أن العمل بدون إيمانٍ لا ينفع فلا بد من اقتران العمل بالإيمان، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «الإِْيمَان: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، والإِْسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ،


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2417)، والدارمي رقم (537)، وأبو يعلى رقم (5271).