فلا يسع المؤمن أن يسكت، ويقتصر على نفسه بل لا
بد أن يسعى في إصلاح غيره. الصفة الرابعة ﴿وَتَوَاصَوۡاْ
بِٱلصَّبۡرِ﴾ [العصر:3] ؛ لأن الذي يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله،
ويُعلِّم الناس الخير لا بد أن يناله مشقةٌ فيحتاج إلى الصبر والتحمل وإلا إذا لم
يكن عنده صبرٌ فإنه ينقطع من أول الطريق وإذا كان عنده صبرٌ فإنه يستمر في طريق
الخير والمناصحة والتواصي بالحق فالصبر يعينه قال تعالى:﴿وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ
وَٱلصَّلَوٰةِۚ﴾ [البقرة: 45]،﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ
وَٱلصَّلَوٰةِۚ﴾ [البقرة: 153]، والصبر من الدين بمنزلة الرأس من الجسد فمن لا صبر عنده لا
يكون عنده دينٌ، والصبر في اللغة: هو الحبس وهو حبس النفس، وهو ثلاثة
أنواعٍ: صبرٌ على طاعةٍ؛ لأن طاعة الله فيها مشقةٌ على النفوس فيصبر على ذلك. والثاني:
صبرٌ على محارم الله؛ لأن النفس تنازع إلى الشهوات المحرمة وإلى فعل المعاصي
فيحبسها ويصبر ويمسك بزمامها ولا يتركها تذهب إلى المعاصي والشهوات المحرمة يمنع
نفسه، والثالث: أن يصبر على أقدار الله المؤلمة، ما يصيبه في طريق الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله والجهاد في سبيل الله وتعليم العلم
النافع يناله مشقةٌ ويناله أذى من الناس ويناله تنقصٌ وازدراءٌ فيصبر على ذلك لأن
هذا من أقدار الله التي قدَّرها عليه، وكذلك المصائب التي تنزل به من فقد الأموال
والنفس والأقارب، فيصبر على ذلك ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ١٥٥ ٱلَّذِينَ
إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ
رَٰجِعُونَ ١٥٦ أُوْلَٰٓئِكَ
عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ
ٱلۡمُهۡتَدُونَ ١٥٧﴾[البقرة: 155- 157] هذه سورةٌ عظيمةٌ على اختصارها
ووجازتها قال الإمام الشافعي -يرحمه الله-: لو تأمل الناس هذه السورة
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد