×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

ولا يستقيم له إسلامٌ حتى يتبرأ من الشرك وأهله فالدين بالولاء والبراء يوالي أولياء الله ويعادي أعداء الله ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ ٥٥ وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ ٥٦ [المائدة: 55، 56]، ومن منَّ الله عليه بالإسلام فإنه يسأل الله الثبات عليه ويخاف من الفتن والردة عن دين الإسلام؛ لأن الإنسان ما دام على قيد الحياة فإنه معرضٌ للفتن والانصراف عن دين الله، فهذا خليل الله إبراهيم الذي كسَّر الأصنام بيده يقول في دعائه لربه: ﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا ٱلۡبَلَدَ ءَامِنٗا وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ ٣٥  رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنۡ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣٦ [إبراهيم: 35، 36]، فالحي لا تؤمن عليه الفتنة والله جل وعلا يقول: ﴿وَمَن يَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَيَمُتۡ وَهُوَ كَافِرٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ [البقرة: 217]، والنبي صلى الله عليه وسلم حذَّر غاية التحذير من نواقض الإسلام قال: «لاَ تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتُمْ أَوْ أُحرقْتُمْ» ([1]) وقال: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِْيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يُقْذَفَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» ([2]) وهذا خبيبٌ بن عُدي رضي الله عنه يأتي به المشركون ليصلبوه على الجذع ويقتلوه عليه وهو يقول:

ولست أبالي حين أُقتَل مسلمًا *** على أي جنبٍ كان لله مصرعي

ذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلوٍ ممزع


الشرح

([1])  أخرجه: الضياء في « المختارة » رقم (351)، والمروزي في « قدر الصلاة » رقم (920).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (16)، ومسلم رقم (43).