×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

العمر قال صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أعاد السؤال، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ، الْحَجّ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْعُمُرِ وَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعًا» ([1]). وهو أحد أركان الإسلام كما قال صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإِْسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامُ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» ([2]) وإنما يجب الحج مرةً واحدةً في العمر على المُستطيع «مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»، والسبيل هو الزاد والراحلة، الزاد وهو النفقة التي ينفقها الحاج على نفسه ذهابًا وإيابًا ويستغني عن الناس ويكون ذلك بعد أن يؤمِّن لأهل بيته ما يكفيهم من النفقة إلى رجوعه إليهم ويكون ذلك فاضلاً عن قضاء الديون التي عليه، أما إذا كان على الإنسان ديونٌ وليس عنده مالٌ يتسع لسداد الديون ونفقة الحج فإنه يقدم سداد الديون وليس عليه حجٌّ حتى يسدد الديون ويتوفر لديه بعد ذلك ما يستطيع به الحج؛ لأن حقوق الآدميين مبنيةٌ على المشاحة ولا تسقط إلا بعفوهم عنها أو أدائها إليهم، فيقدم سداد الديون إلا إذا سمح الدائن للمدين بأن يحج فليحج وإلا فإنه يبدأ بسداد الديون التي عليه وليس عليه حجٌّ؛ لأن الله جل وعلا يقول: «مَنِ اسْتَطَاعَ» وهذا غير مستطيعٍ، فإذا توفر لديه النفقة الكافية له في حجه ذهابًا وإيابًا والنفقة الكافية لمن يعولهم وينفق عليهم في بيته. فإن كان قويًّا في بدنه فإنه يجب عليه المباشرة بنفسه وأن يحج بنفسه ولا يؤخر الحج بل يبادر إذا


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1337).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (8)، ومسلم رقم (16).