×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

استطاع وهو قوي في بدنه أما إذا كان غير قوي في بدنه فإن كان يرجى زوال العارض وزوال المرض في المستقبل فإنه ينتظر حتى يزول ما يمنعه من مباشرة الحج بنفسه، أما إن كان عجزه عن الحج مستمرًا لا يرجى زواله كالمريض المرض المزمن الذي لا يُرجى له شفاءٌ أو الكبير الهرم الذي لا يستطيع السفر، فإنهما ينيبان من يحج عنهما؛ لأن امرأةً جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن أباها أدركته فريضة الله في الحج وهو شيخٌ كبيرٌ لا يستطيع الثبات على الراحلة، أفأحج عنه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ، حُجِّي عَنْ أَبِيكِ» ([1]). وإذا مات من لم يحج وكان عنده مالٌ يكفي للحج فاضلاً عن سداد الديون التي عليه، فإنه يوكل من يحج عنه بالنيابة لإسقاط فريضة الحج عنه مقدمًا ذلك على المواريث، ويشترط في النائب أن يكون قد حجَّ عن نفسه أولاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يلبي ويقول لبيك اللهم لبيك عن شُبرمة فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: «وَمَنْ شُبْرُمَةُ؟» قال أخٌ أو قريبٌ لي. قال: «هل حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «حُجَّ عَنْ نَفْسِكِ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» ([2]). ويشترط لوجوب الحج أيضًا التكليف بأن يكون بالغًا عاقلاً فإن كان صغيرًا دون البلوغ فإنه لا يجب عليه الحج، ولكن له أن يحج ويكون ذلك نافلةً، فإذا بلغ فإنه يحج حجة الإسلام. ويصح الحج من الصغير نافلةً؛ لأن امرأةً رفعت صبيًّا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ» ([3]). وقال: «أَيُّمَا صَبِيٌّ


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (885)، والنسائي رقم (2634)، وأحمد رقم (3049).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (1811)، وابن ماجه رقم (2903)، وابن خزيمة رقم (3039).

([3])  أخرجه: مسلم رقم (1336).