فيستحب صوم يوم عرفة لغير الحاج، وأما الحاج فلا يصوم في يوم عرفة؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم وقف في هذا اليوم مفطرًا وليكون ذلك أقوى له على الوقوف
والدعاء. فإن الدعاء في هذا اليوم فيه فضلٌ عظيمٌ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ
الدُّعَاءِ دُعَاءُ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ
قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ
وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ([1]). وقد أكثر صلى الله عليه وسلم من الدعاء وهو واقفٌ بعرفة. وهو يومٌ يباهي
الله فيه الملائكة بأهل الموقف ويقول: (انصرفوا مغفورًا لكم ولمن شفعتم فيه) وختام
هذه العشر المباركة يوم عيد الأضحى الذي هو يوم الحج الأكبر؛ لأن الحجاج يؤدون فيه
مناسك الحج. وفيه يبدأ وقت ذبح القرابين من هدي التمتع والقران في منى وذبح
الأضاحي في سائر بلدان المسلمين. وفيه صلاة العيد لغير الحجاج في منى.
أيها المسلمون: ومن أراد أن يضحي عن نفسه
فإنه إذا دخلت العشر أي عشر ذي الحجة فإنه لا يأخذ شيئًا من شعره ولا من أظفاره
حتى يذبح أضحيته لحديث أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلاَلَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ
يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ» ([2]). وأما من وكّل في ذبح الأضحية عن غيره فلا يشمله المنع من أخذ الشعر
والأظفار لمفهوم الحديث.
أيها المسلمون: إن الأضحية سنة مؤكدةٌ في حق من يستطيعها، تذبح في البيوت، ويأكلون منها في بيوتهم، ويهدون منها لجيرانهم ويتصدقون منها على من حولهم من الفقراء. وأما ما أحدثه بعض الناس
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1977).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد