×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

ذلك، ثم رجعوا إلى بلادهم ينتظرون قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم. فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالهجرة إلى المدينة فصاروا يهاجرون بالأعداد الكثيرة، فخاف المشركون أن يلحق بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمعوا في دار الندوة وتشاوروا ماذا يصنعون به حتى لا يلحق بقومه. قال تعالى: ﴿وَإِذۡ يَمۡكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثۡبِتُوكَ أَوۡ يَقۡتُلُوكَ أَوۡ يُخۡرِجُوكَۚ وَيَمۡكُرُونَ وَيَمۡكُرُ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ [الأنفال: 30] ثم اتفق رأيهم؛ لأنهم لا يقدرون أن يقتلوه خوفًا من قريشٍ ففكروا ماذا يصنعون جاءهم الشيطان في صورة رجلٍ وقال لهم اختاروا جماعةً من شبابكم وأعطوا كل واحدٍ منهم السيف فإذا خرج يضربونه ضربةً واحدةً حتى يتفرق دمه في القبائل فلا تستطيع قريش أن تثأر من القبائل كلها فرأوا أن هذا هو الرأي وجمعوا شبابهم وسيوفهم وجلسوا عند باب الرسول صلى الله عليه وسلم وهو راقدٌ على فراشه ينظرون إليه فأوحى الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بمكيدتهم فأمر عليًّا بن أبي طالب رضي الله عنه، الشاب الجَلِد الشجاع أمره أن يبقى على فراشه حتى يظن المشركون أنه هو الرسول صلى الله عليه وسلم، فجاء علي رضي الله عنه فاضطجع على فراش الرسول صلى الله عليه وسلم والتحف بلحافه فخرج من بينهم وهم جالسون ولا يشعرون به فأخذ التراب وذرَّه على رؤوسهم وهو يقرأ قوله تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَا مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ سَدّٗا وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ سَدّٗا [يس: 9]، وخرج من بينهم وذهب إلى صاحبه أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه وكان قد واعده أن يصاحبه في الهجرة فقام أبو بكرٍ وجهَّز الجهاز واشترى الراحلتين من ماله رضي الله عنه فخرجا ماشيين إلى غارٍ في جنوبي مكة يقال له غار جبل ثورٍ، وانظروا هذه السياسة العظيمة، اتجاه الهجرة إلى الشمال إلى المدينة، والرسول صلى الله عليه وسلم ذهب إلى الجنوب حتى يخدعهم واختفى هو وصاحبه في


الشرح