×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

 الغار، وأسماء ابنت أبي بكرٍ الصديق تأتيهم بالطعام والشراب خفيةً في هذا الغار، وراعي غنم أبي بكرٍ يمر عليهم وهما في الغار بالغنم فيشربون من لبنها وتمر الغنم وتخفي الآثار، فلا يوجد أثرٌ إلا أثر الغنم، قدَّر الله أن جاء المشركون إلى الغار؛ لأنهم بذلوا كل غالٍ ورخيصٍ حتى يظفروا بمحمدٍ وقالوا من جاءنا به حيَّا أو ميتًا فله وزنه من الذهب، جاءوا إلى الغار ووقفوا عليه ولم يروا الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في الغار هو وصاحبه قال أبو بكرٍ الصديق: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لأبصرنا. فقال: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ في اثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا» ([1]). فصرف الله عنه المشركين خائبين وأيسوا من وجوده ورأوا الآثار القديمة على الغار كعش العنكبوت وغيره ولم يروا أثرًا حول الغار، قالوا ما في هذه الغار من أحدٍ فانصرفوا، فأنزل الله تعالى ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 40]. فلما انقطع الطلب عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد استأجر رجلاً من المشركين يقال له عبد الله بن أريقط الليثي يدله على الطريق فلما انقطع الطلب جاء الرجل بالراحلتين فركب أبو بكرٍ وركب الرسول صلى الله عليه وسلم ومعهم الدليل فساروا إلى المدينة ونجَّى الله رسوله صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين وحماه منهم ولحق بأصحابه قرير العين، وكان أهل المدينة يخرجون كل يومٍ في الصباح ينتظرون


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3453)، ومسلم رقم (2381).