×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

كثرت، والذنوب وإن عظمت، فالواجب على المسلمين جميعًا أن يتوبوا إلى الله وأن يرجعوا إلى الله ليكشف ما حلَّ ويحلُّ بهم من الشدائد والكربات، فإنه لا ملجأ من الله إلا إليه ﴿وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ [الشورى: 30]، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ [الرعد: 11]، ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ [الأنفال: 53]، وعلى الأفراد كل فردٍ أن يتوب إلى الله عز وجل ويحاسِب نفسه، وليست التوبة والاستغفار باللسان فقط، وإنما التوبة والاستغفار لهما شروطٌ لا بد أن تتوفر، الشرط الأول: أن يبتعد المسلم عن الذنب الذي تاب منه واستغفر منه، أما أن يستغفر وهو مقيمٌ على ذنبه فإن هذا استغفار الكذابين، ولو أكثر من الاستغفار وهو مقيمٌ على الذنب فإن استغفاره يحتاج إلى استغفارٍ. الشرط الثاني: أن يعزم ألا يعود إلى الذنب الذي تاب منه، فإن كان تاب من الذنب وتركه موقنًا وفي نيته أن يرجع إليه في مكانٍ آخر أو في زمانٍ آخر فإن الله لا يقبل استغفاره ولا يقبل توبته لأنها غير صحيحةٍ. والشرط الثالث: أن يندم على ما حصل منه في حق الله سبحانه وتعالى ندامةً عظيمةً ويتصور هذا الذنب دائمًا، فيحدث له استغفارًا وتوبةً، جاء في الحديث: «أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذَنْبَهُ كَالْجَبَلِ يَخْشَى أَنْ يَنْقَضَّ عَلَيْهِ» ([1])، هذا هو الذي ندم على ما فات، وأما المنافق فيرى ذنبه مثل الذباب الذي وقع على أنفه ثم طار، وهذه شروط التوبة، وهناك شرطٌ رابعٌ: إذا كانت المعصية بينك وبين الناس بأن ظلمتهم في دمائهم أو أموالهم أو أعراضهم فالشرط الرابع: أن تطلب منهم المسامحة وأن ترد عليهم


الشرح

([1])  أخرجه: الديلمي رقم (8377).