×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

 الإعلام والنقل السريع صاروا يظهرون في هذه الوسائل المرئية والمقروءة والمكتوبة ويروجون البدع بين الناس. فيظنها الجاهل أنها سنة فيغتر كثيرٌ من الناس بهذه البدع والمحدثات، إن في هذه الأيام في هذا الشهر شهر ربيع الأول ينشط أهل البدع في اليوم الذي يزعمون أنه اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحتفلون احتفالاتٍ بدعية ويصنعون الأطعمة ويرددون المدائح النبوية التي فيها غلوٌّ وإطراءٌ في حق الرسول صلى الله عليه وسلم بل منهم من يشرك بالله فيستغيث بالرسول صلى الله عليه وسلم ويشكو إليه الحاجة فيشركون بالله. وهكذا البدع تجر إلى الشر وتجر إلى الشرك بخلاف السنة فإنها تدعو إلى الخير وإلى التوحيد وإلى كل صلاحٍ وفلاحٍ للبشرية. وهؤلاء ينشطون في إحياء هذه البدعة ويتواصون بها ويقيمونها في المساجد أو في البيوت أو في الفنادق ويسخرون لها وسائل الإعلام التي تنقلها بالصوت والصورة إلى أرجاء العالم يشاهدها الناس فيظن الجاهل أنها شيءٌ حسنٌ وأنها محبة للرسول صلى الله عليه وسلم فيغتروا بها والنبي صلى الله عليه وسلم حذر أمته من الغلو في حقه صلى الله عليه وسلم. قال: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» ([1]). والإطراء هو الزيادة في المدح والغلو في المدح، وإنما يمدح صلى الله عليه وسلم بهذين الأمرين وهما أنه عبد الله ورسوله هذان أعظم وصفٍ له صلى الله عليه وسلم أنه عبد الله عز وجل وأنه رسول الله. وكفى بذلك شرفًا، أما أن يطلب منه أن يقضي الحاجات ويفرِّج الكربات ويغيث المستغيثين فهذا شركٌ بالله ودعوةٌ لغير الله عز وجل، فالله لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحدٌ لا ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌّ مرسلٌ، ولما وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدٌ من


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3261).