×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السادس

 رسول الله ولكنهم ينكرون ذلك بقلوبهم، وإنما قالوها خداعًا وتستُّرًا؛ ليعيشوا بين المسلمين وهم في قرارة أنفسهم وعقيدة قلوبهم منكرون لها نسأل الله العافية، ولذلك صاروا في الدرك الأسفل من النار.

كما أنه لا ينفع الاعتقاد بأنه رسول الله دون أن ينطق بذلك ويشهد بذلك علانيةً، فالمشركون يعلمون أنه رسول الله بقلوبهم لكنهم أبوا أن ينطقوا وأن يشهدوا أنه رسول الله عنادًا وتكبرًا، قال تعالى: ﴿ق قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ [الأنعام: 33]. قال تعالى: ﴿وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ [النمل: 14]. فالمشركون والكفار يعلمون أنه رسول الله ويعرفون ذلك بالأدلة والبراهين لكنهم منعهم الكبر ومنعهم الحقد والحمية الجاهلية أن ينطقوا بذلك بألسنتهم، وأن يشهدوا به بالرسالة؛ ولهذا قال العلماء معنى شهادة أن محمدًا رسول الله: (طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع).

هذا ملخص معنى شهادة أن محمدًا رسول الله طاعته فيما أمر، فالذي يشهد أنه رسول الله ولكنه لا يطيعه، هذا شهادته إما باطلةٌ وإما ناقصةٌ؛ لأنه لو كان صادقًا في شهادة أن محمدًا رسول الله لأطاعه واتبعه، وكذلك يتجنب ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا من مقتضى شهادة أن محمدًا رسول الله أن تجتنب ما نهاك عنه، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا [الأحزاب: 36]، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا أَمَرْتُكُمْ بهِ، فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عنهُ فَاجْتَنِبُوهُ» ([1])،


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1337).