فالصيام عبادةٌ عظيمةٌ، يختبر الله به عباده بأنهم يتركون أحب شيءٍ إليهم
من الطعام والشراب والزوجات وغير ذلك، يتركونها طاعةً لله عز وجل وامتثالاً لأمره،
ويصبرون على الجوع ويصبرون على العطش طاعةً لله عز وجل وطلبًا لثوابه، فهذا الصيام
يمرن الإنسان ويروِّضه على طاعة ربه وترك مألوفاته وتقديم طاعة الله على طاعة
نفسه، فهو عبادةٌ عظيمةٌ مع ما يكتب الله للصائم من الأجور العظيمة والخيرات
الكثيرة، فإن الصيام عبادةٌ عظيمةٌ وتربيةٌ للنفوس المؤمنة على طاعة الله وطاعة
رسوله، وتربيةٌ للنفوس المؤمنة على ترك مألوفاتها وشهواتها، وتعويدٌ للمؤمن على
الصبر؛ ولهذا يسمى شهر رمضان شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة فإن الصبر هو حبس
النفس على طاعة الله سبحانه وتعالى وحبسها عن معصية الله، وهو ثلاثة أنواعٍ: صبرٌ
على طاعة الله، وصبرٌ عن محارم الله، وصبرٌ على أقدار الله المؤلمة، وكلها تجتمع
في الصيام. فإن فيه صبرًا على طاعة الله وذلك بالصيام والعبادات القولية والفعلية
والقلبية، وفيه صبرٌ عن محارم الله فإن الله حرَّم على الصائم تناول شهواته فهو
يصبر عنها؛ لأن الله حرَّمها وإن كانت مباحة له قبل الصيام فيتركها طاعةً لله،
وكذلك يصبر عن المحرمات الأخرى التي هي حرامٌ عليه دائمًا وأبدًا ولكن الصيام
يعينه على تركها والابتعاد عنها، وكذلك فيه صبرٌ على أقدار الله المؤلمة بما ينال
الصائم من شِدَّة الجوع وشدة العطش فيعلم أن هذا من قضاء الله وقدره فيصبر على
ذلك، ويتعلم به الصبر على ما يناله في هذه الدنيا من المكاره.
والصبر عبادةٌ عظيمةٌ ولا دين لمن لا صبر له، والصبر من الإيمان بمنزلة
الرأس من الجسد فمن لا صبر له فإنه لا دين له، وهذا الشهر
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد