×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فمن رحمة الله عز وجل أنه يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدّد لها دينها، كما جاء ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ([1])، وقد وقع مصداقُ ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، وهذا بخلافِ ما كان في الشرائع السابقة، فبنو إسرائيل مثلاً كانت تسوسُهم الأنبياء، كما جاء في الحديث الصحيح: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأْنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ» ([2]). أما هذه الأمة، فإنه لـمّا كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين - ولا نبيَّ بعده - فإنَّ الله سبحانه وتعالى جعل العلماء يقومون مقام الأنبياء الذين بُعثوا في بني إسرائيل، في الدعوة إلى الله وتبليغ هذا الدين للبشرية، وتجديده مما يَعْلق به من البدع والخرافات والمحدَثات، ومن هؤلاء المجـدِّدين: الإمـام ابن تيميّـة شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية.

وجدُّه: هو أبو البركات عبد السلام ابن تيمية، من كبار أئمة مذهب الحنابلة، ويُرجع إليه في معرفة المذهب، لتبحُّره فيه، حتى قيل فيه: إنَّ الله أَلانَ له الفقه، كما أَلانَ الحديدَ لداود.

وهو من كبار المحدّثين كذلك، وله كتاب: «المنتقى» من أحاديث الأحكام، وكتابُ: «المحرَّر» في المذهب.

وأما شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية فهو الإمام الجليل البحر الخضمّ، البدر الساطع الذي لا يُشقّ له غبار في العلوم والدعوة إلى الله، والجهاد في سبيله، لقد قيَّضه الله في وقت كان العالم


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4291).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3455)، ومسلم رقم (1842).