×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لـمّا وصف أنَّ الأمّة ستفترق على ثلاثٍ وسبعينَ فرقـة، قال: «كُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلاَّ وَاحِدَةً وَهِيَ: الْجَمَاعَةُ» ([1])، وفي الرواية الأخرى: «مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ اليَوْمَ وَأَصْحَابِي» ([2])، فبيّن أنَّ عامّة المختلفين هالكون من الجانبين، إلاّ فرقةً واحدة، وهم أهل السُّنَّة والجماعة.

****

 الفتنة أنَّ أهل الاختلاف يُبتلون بالجِدال العقيم، حتى يخيّل إلى كلٍّ منهم أنه هو الذي على الحق، وأنَّ الآخر على الباطل.

﴿كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ أي: فرح بما عليه، فلا يُتَوَقَّعُ منه أن يرجع عنه إلى الحق، وإنما يرجع إلى الحق من لم يجزم بصواب نفسه فهو يتحرَّى الحق.

المقصود هنا: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخبر خبرًا معناه النهي والتحذير، فقال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ هَذِهِ الأُْمَّةُ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» ([3])، وهذا قد وقع كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فحصل الاختلاف في هذه الأمة، وتشعَّبت بهم الأهواء، وانحازوا عن الحق، وكلٌّ سلك طريقًا ومذهبًا، ورأى كل فريق أنه محِق وأنَّ غيره على الباطل، والحق أنهم كلهم على الباطل، لأنهم سلكوا مسالك شتّى وكان يكفيهم السير على منهج الله، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّهَا فِي النَّارِ» لأنهم لـمّا تركوا الحق صاروا


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (3993).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2641).

([3])  أخرجه: ابن ماجه رقم (3992)، والطبراني في الكبير رقم (129).