وقد كتب أحمد
في رسالة إلى المتوكِّل هذا الحديث، وجعل يقول لهم في مناظرته يوم الدار: إنا قد
نُهينا أن نَضْرِبَ كتاب الله بعضه ببعض، وهذا لعِلْمِه رحمه الله بما في خلاف هذا
الحديث من الفساد العظيم.
****
هذا الحديث - أي:
حديث عمرو بن شعيب - كَتبَ به الإمام أحمد إلى الخليفة المتوكّل، لا سيّما في قضية
القول بخلق القرآن، فإنَّ المأمون أراد أن يُجبر الناس على القول بأنَّ القرآن
مخلوق غير منزّل، وذلك بتأثيرٍ من جلسائهِ من المعتزلة، لأنه استوزر المعتزلة،
فأملوا عليه هذا المذهب الخبيث، وأغروه بمعاقبة أهل السُّنّة الذين يقولون: إنَّ
القرآن منزّل من عند الله، وأنَّه كلام الله حقيقة وأنه غير مخلوق.
فأملوا على الخليفة
المأمون هذا الفكر الخبيث، واقتنع به، وأراد أن يجبر الناس عليه، وقد قُتل مَن
قُتل من الأئمة، وامتُحن مَن امتُحن من أجل هذا القول، وعلى رأسهم الإمام أحمد
رحمه الله فقد عذَّبه بالضرب والسجن، ولـمّا مات المأمون خلفه المعتصم أخوه، فسلك
نفس مسلك المأمون، وعذَّب الإمام أحمد.
ثم جاء الواثق بن المأمون، فسلك المسلك ذاته، وعذَّب الإمام أحمد، وهو صابرٌ محتسب، يصبر على الضرب وعلى السجن، ويقول: القرآن منزّل غير مخلوق، طلبوا منه موافقتهم، قال: هاتوا لي شيئًا من كتاب الله، أو من سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أقول به، فثبت رحمه الله إلى أن جاء المتوكِّل بن هارون الرشيد رحمه الله فأفرج عن الإمام أحمد،
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد