ومع أنَّ الله
قد حَذَّرنا سبيلهم، فقضاؤه نافذ بما أخبر به رسولَه مما سبق في علمه، حيث قال
فيما أخرجاه في «الصحيحين»، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَان قَبْلَكُمْ حَذْوَ
الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ»،
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ» ([1])
****
الله جل وعلا
حذَّرنا من اتِّباع طريق المغضوب عليهم والضالين - الذين نسأله سبحانه أن يجنِّبنا
طريقهم - فإنَّ قدَر الله نافذ، وذلك أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه
سيكون في هذه الأمة من يشبه هاتين الطائفتين، قال صلى الله عليه وسلم: «لَتَتَّبِعُنَّ
سَنَنَ» والسَنَن: الطريقة، والسُنن: الطُرق.
قوله: «حَذْوَ
الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ» أي: قُذَّتي السَّهم؛ لأنَّ السهم له قُذَّتان
متعادلتان حتى لا يميل أثناء إرساله، ومعنى «حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ»،
أي: يشبهونهم مثل ما تشبه القذّة القذّة الأخرى، فلا يتركون مما يعملونه شيئًا
إلاّ عملوه.
وخلاصة الأمر: أنه يكون في هذه
الأمة من يعمل بعمل اليهود والنصارى تمامًا، ويشبههم كما تتشابه قذتا السهم.
قوله: «حَتَّى لَوْ
دَخَلُوا» أي: دخل اليهود والنصارى «جُحْرَ ضَبٍّ» مع أنَّ جحر الضبّ معلومٌ
أنَّه من أعسر الجحور دخولاً وخروجًا، ومن أضيقها؛ لأنَّ الضبّ يتخذ جحرًا يلجأ
إليه خوفًا من الطلب، ومع ذلك فإنهم لاقتفائهم آثارهم واتّباعهم طرائقهم، لو أنَّ
اليهود والنّصارى دخلوا في هذا الجحر الضيّق لوُجد في هذه الأمة من يدخله تقليدًا
لهم.
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد