×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

قال الله سبحانه: ﴿وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٦ وَءَاتَيۡنَٰهُم بَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِۖ فَمَا ٱخۡتَلَفُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ ١٧ ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ ١٨  إِنَّهُمۡ لَن يُغۡنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡ‍ٔٗاۚ وَإِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۖ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُتَّقِينَ ١٩ [الجاثية: 16 - 19].

****

هذا أحد الأمثلة لما سبق، فذكـر سبحانه أنه آتى بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقهم من الطيبات، وفضّلهم على العالمين: يعني على عالم زمانهم. وإلاّ فهذه الأمة هي أفضل العالمين، كما قال تعالى: ﴿كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110]، فأفضليتهم كانت قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا خير العالمين لـمّا كانوا متمسكين بدينهم وبالتوراة التي نزلت على موسى، ففُضِّلوا لأنهم أهل كتاب وعلم، وغيرهم أهل وثنيّة وأُميّة، ولكنّهم لم يعملوا بهذا العلم، واختلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم، والذي حملهم على هذا الاختلاف هو البغي، وحب الظهور، والعصبيّة، وليس لأجل بحثهم عن الحق أو الاجتهاد في الأدلة، إنما هو إعجاب كلٍّ برأيه، كما قال سبحـانه: ﴿كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ [المؤمنون: 53]، أما نحن فإنَّ الله قال لنبيّه صلى الله عليه وسلم: ﴿ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ [الجاثية: 18] أي: شريعة الإسلام ﴿فَٱتَّبِعۡهَا [الجاثية: 18] أي: اتّبع هذه الشريعة، ثم قال: ﴿وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ [الجاثية: 18] هذا نهيٌ عن التشبُّه بهم، وإنما قال: ﴿أَهۡوَآءَ لأنَّ اختلافهم هذا اختلاف هوى، وليس اختلافَ بحثٍ عن الحق، فهم تركوا الكتاب الذي أعطاهم الله إيّاه، 


الشرح