وهنا نكتة
نبَّهتُ عليها في هذا الكتاب، وهي: أنَّ الأمر بموافقةِ قوم أو بمخالفتهم قد يكون؛
لأنَّه نفس قَصْدِ موافقتهم، أو نفسَ موافقتهم مصلحـة، وكذلك نفسُ قصد مخالفتهم،
أو نفس مخالفتهم مصلحـة، بمعنى أنَّ ذلك الفعل يتضمن مصلحة للعبد أو مفسدة.
وإن كان الفعل
الذي حصلت به الموافقة أو المخالفة لو تجرَّد عن الموافقة والمخالفة، لم يكن فيه
تلك المصلحة أو المفسدة. ولهذا نحن ننتفع بنفس متابعتنا لرسول الله صلى الله عليه
وسلم وللسابقين من المهاجرين والأنصار في أعمالٍ، لولا أنّهم فعلوها لربّما قد كان
لا يكون لنا مصلحةً، لما يورث ذلك من محبتهم وائتلاف قلوبنا بقلوبهم، وإن كان ذلك
يدعونا إلى موافقتهم في أمورٍ أُخرى، إلى غير ذلك من الفوائد.
****
يعني: أنَّ في مخالفة أهل الكفر
مصلحة للمخالف، وموافقتهم فيها مضرةٌ عليه، والأمر بموافقة قومٍ، يعني: موافقة
المؤمنين والصالحين، قصده مصلحة، ومخالفته مضرّة، فالتشبّه بأهل الصلاح وأهل
التُّقى والخير مقصود وهو مصلحة، ومخالفته مضرّة، والكفار على العكس، قصد موافقتهم
مضرة، وقصد مخالفتهم مصلحة.
المقصود: أنَّه لا يُنهى عن الفعل لمجرد الفعل، وإنما يُنهى عنه لما يترتَّب على الفعل، أو يكون الأمر بما يترتب على الفعل من خيرٍ أو شرٍّ أو مفسدة أو مصلحة، لا لمجرد الفعل فقط.
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد