×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ مَ [التوبة: 31] وفسَّره النبي صلى الله عليه وسلم لعديِّ بن حاتم رضي الله عنه: «بِأَنَّهُمْ أحلُّوا لهمُ الحرامَ فَأَطَاعُوهُمْ، وَحَرَّمُوا عَلَيهِمُ الحَلاَلَ فَاتَّبَعُوهُمْ» وكثيرٌ من أتباع المتعبَّدة يُطيع بعض المعظَّمين عنده في كلِّ مـا يأمـر به، وإن تضمَّن تحليل حـرام، أو تحريم حلال.

****

أي: من المتصوفة من غلا في متبوعه وشيخ طريقته فشابه الذين ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ [التوبة: 31]، هذه الآية نزلت في النصارى وقرأها النبي صلى الله عليه وسلم على عدي بن حاتم رضي الله عنه، وقد كان نصرانيًّا قبل الإسلام، قال عدي: إنهم لم يعبدوهم، وظنَّ أنَّ العبادة هي الركوع والسجود لهم، فقال: «ألَيْسُوا يُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتُحِلُّونَهُ، ويُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونُهُ؟» قَالَ: بَلَى، قَالَ: «فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ» ([1]).

فالمقصود: أنَّ من أطاع مخلوقًا في تحليل أو تحريم غير النبي صلى الله عليه وسلم الذي يبلّغ عن الله فقد اتخذه ربًّا من دون الله؛ لأنَّ التحليل والتحريم إنما هو حقُّ الله جل وعلا وأمّا الرسول صلى الله عليه وسلم فإنَّه مبلِّغ عن الله، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ نَ [الأنعام: 121] ومن هذه الطاعة استحلال الميتة، حيث قالوا: إنها أولى من المذكاة؛ لأنَّ الميتة قتلها الله، والمذكّاة أنتم ذبحتموها، فردَّ الله عليهم سبحانه بقوله: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّٗا شَيَٰطِينَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ يُوحِي بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (3095)، والطبراني في الكبير رقم (218).