ولهذا كان
السَّلف كسفيان بن عُيينة وغيره يقولون: مَن فسد من علمائنا ففيه شَبه من اليهود،
ومَن فسد من عُبّادنا ففيه شَبه من النَّصارى، وليس هذا موضع شرح ذلك.
****
وقالوا: إنه يشغلنا
عن العبادة والعمل، وهذه مقولةٌ لا تزال على ألسنة الصُّوفية إلى وقتنا الحاضر،
فهم ينفرون من العلم والعلماء، ويشتغلون بالذِّكر والتسبيح وقيام الليل، دون أن
يأخذوا حظًّا من العلم الذي يَعصمهم من الوقوع في معصية الله دون أن يشعروا،
وزيَّن لهم الشيطان فعلهم فرأوه حسنًا، فلا بدّ من الجمع بين الأمرين، العلم
النافع، والعمل الصالح.
قوله: «... ففيه
شَبَه من اليهود...» يعني: أنَّ من فسدَ من علماء المسلمين فقد شَابه اليهود،
وذلك بأنه رغم ما حصَّل من العلم إلاّ أنه لم ينتفع به، وحاد عنه، وكان المفروض
فيه الصلاح في سلوكه وعبادته، عملاً بالعلم، وأنَّ من فسد من عُبّادنا وزُهّادنا،
ففيه شبهٌ من النصارى الذين أخذوا العمل وتركوا العلم، فعبدوا الله على جهالة، فهم
عصوا الله من حيث أرادوا عبادته، وهذا ينطبق على المتصوِّفة اليوم الذين زهدوا في
العلم ومجالسة العلماء، واشتغلوا بالعبادة بزعمهم، والعبادة إذا كانت على غير علم،
فهي ضلال لا هدى، وشقاء لا سعادة، وتعبٌ لا راحة.
***
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد