×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

فصل: حال الناس قبل الإسلام

اعلم أنَّ الله سبحانه وتعالى بَعثَ محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى الخلق على فترة من الرُّسل وقد مَقَت أهلَ الأرض عربَهم وعجمَهم، إلاّ بقايا من أهل الكتاب ماتوا - أو أكثرُهم - قبل مَبعثِه.

****

 لا بُدَّ في مَطلع هذا الكتاب من بيان حالة الناس قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وما كانوا عليه من الكفر والضلال، والأمور التي كانت سائدة في الجاهلية وما كانوا يتخبّطون فيه من الجهل لِيستَبين المرءُ عظيمَ نعمة الله ومنَّته على عباده ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولمقارنةِ حالتهم هذه بما جَدَّ لهم بعدَ الإسلام، وليظهر الفرق المبين بين الحالتين. ولأجلِ أن يَحذرَ المسلمون من أن يعودوا إلى شيءٍ مما كانت عليه الجاهلية، بعد أن منَّ الله عليهم بالإسلام. قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إنَّما تُنْقَض عُرَى الإسْلاَم عُرْوة عُرْوة إِذَا نَشَأ فِي الإسْلاَم مَنْ لاَ يَعْرف الجَاهليَّة».

 إنَّ الله جل وعلا بَعثَ محمّدًا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيّين وإمامَ المرسلين إلى الناس كافة، وكان النبيُّ قبلَه يُبعث إلى قومه خاصّة، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام التي لا يُشابِهُه فيها نبيٌّ قبله.

وقوله: «وقد مقت أهل الأرض» الـمَقْتُ: أشدُّ الغَضبِ، والمراد: أنَّ الله نظر إلى أهل الأرض قَبلَ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، فأبغضهم، «عربَهم وعَجَمهم» لـما هم عليه من الكفر والضلال، وانطِماس آثار الرسالة فيهم، فأضحوا في جاهلية جهلاء وضلالةٍ عمياء،


الشرح