وبإزاء قبض
أيديهم قوله في المؤمنين: ﴿وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ﴾، فإنَّ الزكاة
وإن كانت وقد صارت حقيقةً شرعيَّة في الزكاة المفروضة، فإنها اسمٌ لكلِّ نفعٍ
للخلق، من نفع بدني أو مالي، فالوجهان هنا كالوجهين في قبض اليد.
ثم قال: ﴿نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ﴾
ونسيان الله: ترك ذكره. وبإزاء ذلك قال الله في صفة المؤمنين: ﴿يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ﴾ فإنَّ الصَّلاة أيضًا تعمُّ الصلاة
المفروضة والتطوع، وقد يدخل فيهـا كل ذكـرٍ لله، إما لفظًا، وإما معنى، قال ابن
مسعود رضي الله عنه: «ما دمتَ تذكـر الله فأنت في صلاة، وإن كنتَ في السوق» وقال
معاذ بن جبل: «مدارسة العلم تسبيح».
يعني: أنه يقابل قبض
المنافقين أيديهم - وهو كناية عن البخل - إيتاء المؤمنين الزكاة، والزكاة على
قسمين: زكاة الأموال، وزكاة الأعمال والأنفس بطاعة الله وعبادته -سبحانه -
بمعنى: تطهيرها وتكميلها بطاعة خالقها. فالزكاة حقيقة شرعية في الزكاة المالية،
ولكنها أعم من ذلك، فتشمل كل نفع وإن لم يكن ماليًّا، فتكون بهذا الاعتبار حقيقة
عرفية؛ لأنَّ الحقائق ثلاث: لغوية وشرعية وعرفية، أو يكون حمل الزكاة على
ما هو أعم من زكاة المال من باب المجاز المعروف عند البلاغيّين.
قوله: «﴿نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ﴾» أي: المنافقون تركوا ذكر الله، ولهذا قال عنهم: ﴿وَلَا يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلٗا﴾ [النساء: 142]، فعلامة المنافق أنه لا يذكر الله إلاّ قليلاً، فهذا هو نسيانهم لخالقهم سبحانه،
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد