فهذان الاسمان:
المهاجرون والأنصار، اسمان شرعيّان جاء بهما الكتاب والسُّنَّة، وسمّاهما الله
بهما، كما سمَّانا: ﴿ٱلۡمُسۡلِمِينَ
مِن قَبۡلُ﴾ [الحج: 78]، وانتساب الرجل إلى المهاجرين أو الأنصار انتساب حسن محمود عند
الله وعند رسوله، ليس من المباح الذي يقصد به التعريف فقط، كالانتساب إلى القبائل
والأمصار، ولا من المكروه أو المحرّم، كالانتساب إلى ما يفضي إلى بِدعة أو معصية
أخرى.
ثم رفع هذا،
لما دعا كل منهما طائفته منتصرًا بها، أنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وسماها:
«دعوى الجاهلية» حتى قيل له: إن الداعي بها إنما هما غلامان، لم يصدر ذلك من
الجماعة، فأمر بمنع الظالم، وإعانة المظلوم، ليبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن
المحذور من ذلك إنما هو تعصّب الرجل لطائفته مطلقًا فإن ذلك فِعلَ أهلِ الجاهلية،
فأما نصرها بالحق من غير عدوان فحسن واجب، أو مستحب.
****
لفظ المهاجرين والأنصار لفظ محمود، لكن إذا ذكره الإنسان من باب العصبية، يكون مذمومًا، وهذا هو الذي أنكره النبي صلى الله عليه وسلم، وسمّاه: «دعوى الجاهلية». ولـمَّا بُيّن له صلى الله عليه وسلم السبب فيما حصل، وقال: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» ([1])، وبيَّن أنَّ نصر المظلوم دفع الظلم عنه، ونصر الظالم منعه من ظلمه، وليس بالرجوع إلى العصبيّات، فهذا من إنصافه صلى الله عليه وسلم، فالأصل في حل النزاعات وفضّ الخصومات الرجوع إلى كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ﴾ [النساء: 59].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد