×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

ولهذا نَهاهم عن الغلو، وهو مجاوزة الحَدِّ، كما نهاهم عنه في قوله: ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥٓ أَلۡقَىٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٞ مِّنۡهُْۖهُ [النساء: 171].

واليهود مقصِّرون عن الحق، والنصارى غالُون فيه.

****

يعني: أنَّ الله ينهى أهل الكتاب عن الغلو، والغلو: هو مجاوزة الحد، يقال: غلا القدر إذا ارتفع الماء فيه بسبب الغليان، وخرج عن الحدِّ الطبيعي.

والغلوّ كثير في النصارى، فإنهم تجاوزوا الحدَّ في عيسى حتى رفعوه فوق المنزلة التي أعطاه الله إياها، فنقلوه من حيز النبوة إلى أن اتخذوه إلهًا من دون الله يعبدونه، ولهذا قال عز وجل: ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥٓ أَلۡقَىٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٞ مِّنۡهُۖ فَ‍َٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۖ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَٰثَةٌۚ ٱنتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ [النساء: 171].

والنصارى طوائف: منهم من يقول: المسيح ابن الله، ومنهم من يقول: الله ثالث ثلاثة. ومنهم من يقول: إن الله هو المسيح ابن مريم، ومنهم مَنْ هو على الحق، فيقول: المسيح عبد الله ورسوله.

يعني: أنَّ النصارى يتَّصفون بالغلوّ، كونهم زادوا في شرع الله سبحانه ما ليس منه، واليهود مقصِّرون؛ لأنَّهم عرفوا الحق فحادوا عنه و لم يعملوا به. ومقصِّرون في حق المسيح عليه السلام حيث جحدوا نبوته وقالوا: إنه ولد بغي، تعالى الله عما يقولون ونزَّه رسوله عما يقولون.


الشرح