بل لم أكن أظنُّ أنَّ من وَقَر الإيمانُ في قلبه، وخَلُص
إليه حقيقةُ الإسلام، وأنه دينُ الله الذي لا يَقبلُ من أحد سواه - إذا نُبِّه على
هذه النكتة - إلاّ إذا كانت حياةُ قلبه وصحةُ إيمانِه تُوجب استيقاظَه بأسرع تنبيه!
ولكن نَعوذُ بالله من رَين القلوبِ وهوى النفوسِ
اللَّذينِ يَصُدّان عن معرفةِ الحقِّ واتّباعه.
****
قوله: «لم أكن أظن
أنَّ من وقر...» فإنَّه هنا يتعجب مِن رَدَّة الفعل عن إيضاحه وبيانه من خطر التشبّه
بأولئك القوم، ولكنّ دهشته عَظُمت لـمّا علم أنَّ ردَّ كلامه جاء من بعض أهل
العلم، مع أنه كان يُحسن الظنَّ بهم، لا سيّما وهم أكثر الناس لُصوقًا بالعلم
الشرعي ومعرفة حقيقة الإسلام.
والأصل أنهم: وقد وصَّل لهم الحق
وبيَّن لهم الأدلة - يجب أن يقبلوه، وهذا دَيْدَن المسلم إذا بلغه الحقُّ فاءَ
إليه، لكن العكس حصل، ولا يزال الكثير إلى يومنا هذا يتنقّص شيخ الإسلام، ويصفونه
بأوصاف لا تليق به وبمكانته العلمية والدينية.
يقول: إنَّ السببَ في ردّهم الحقَّ مع وضوح الأدلة وسطوع الحجة إنما هو بسبب الرَّان الجاثم على القلوب، مع ما يصاحبُه مِنَ الهوى المتبع، طمعـًا في منصب أو رئاسة أو مال، ولأنَّ الذنـوب - والعياذ بالله - تُعمِي القلوب، كما قال تعالى: ﴿كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ﴾ [المطففين: 14]. فالمعاصي تُعمي القلب، وكذلك الرّغبات الدنيوية والمطامع النفسية من شأنها أنها تُعمي القلب أيضًا،
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد