أخبر صلى الله
عليه وسلم أنَّ أبغض الناس إلى الله هؤلاء الثلاثة، وذلك لأنّ الفساد إمّا في
الدِّين، وإمّا في الدنيا، فأعظم فساد الدنيا: قتل النفوس بغير الحق، ولهذا كان
أكبرَ الكبائرِ بعد أعظم فساد الدِّين الذي هو الكفر.
وأما فساد
الدين فنوعان: نوعٌ يتعلّق بالعمل، ونوع يتعلّق بمحلّ العمل، فأما المتعلق بالعمل:
فهو ابتغاء سنّةً جاهلية، وأما ما يتعلق بمحلّ العمل: فالإلحاد في الحرم؛ لأنّ
أعظم محالّ العمل هو الحرم، وانتهاك حُرْمة المحلّ المكاني أعظم من انتهاك حُرْمة
المحلّ الزماني، ولهذا حُرِّم من تناول المباحات، ومن الصَّيد والنَّبات في البلد
الحرام، ما لم يحرُم مثله في الشهر الحرام.
ولهذا كان
الصحيح أنّ حرمة القتال في البلد الحرام باقية، كما دلّت عليه النصوص الصحيحة،
بخلاف الشهر الحرام، فلهذا - والله أعلم - ذكر صلى الله عليه وسلم الإلحاد في
الحرم وابتغاء سنة جاهلية.
والمقصود أنّ
من هؤلاء الثلاثة: «مَنْ ابْتَغَى فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةَ الجَاهِلِيَّةِ» فسواء
قيل: مبتغيًا أو غير مبتغٍ، فإن الابتغاء هو الطلب والإرادة، فكل من أراد في
الإسلام أن يعمل بشيءٍ من سنن الجاهلية، دخل في الحديث.
****
قوله: «أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاَثَةٌ:
مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ...» إلخ، المقصود من هذا الحديث: أنَّ النبي صلى
الله عليه وسلم حذّر من أمور، منها ما هو من أمور الجاهلية، وهذا محل الشاهد من
الحديث:
الأمر الأول: الـمُلحِد في الحرم، والـمُلحِدُ: هو الذي يفعل الإلحاد، يعني: المعصية؛ لأنَّ الإلحاد في اللغة هو: الميل، والمعصية: ميلٌ عن طاعة الله سبحانه وتعالى والمعصية محرّمة في أي مكان،
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد