وهذا المعنى
محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه، يشير إلى أنَّ التفرقة والاختلاف
لا بُدَّ من وقوعهما في الأمة، وكان يحذّر أمّته منه لينجو من الوقوع فيه من شاء
الله له السلامة، كما روى النَّـزَّالُ بن سَبُرة، عن عبد الله بن مسعود قال: سَمعتُ
رَجلاً قرأ آيةً سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خِلافها، فأخذتُ بيدِه،
فانطلقتُ به إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فعرفتُ في وجهه
الكراهية، وقال: «كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ، وَلاَ تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ
قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا» ([1]) رواه
مسلم.
****
المقصود: أنَّ النبي صلى الله عليه
وسلم حينما حذَّر من الاختلاف إنما حذَّر من شيءٍ متوقَّع، وغرضه عليه الصلاة
والسلام من هذا التحذير نجاة من أراد الله نجاته.
ومما يدلُّ على
كراهية النبي صلى الله عليه وسلم للاختلاف: ما وقع في هذا الحديث، حيث
إنَّ ابن مسعود لـمّا سمع الرجل الذي قرأ آيةً من القرآن على وجهٍ يخالف ما يعرفه
أمسك بالرجل، وذهب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما سمع قراءتهما قال: «كِلاَكُمَا
مُحْسِنٌ» وكره صلى الله عليه وسلم ما حصل بينهما من الاختلاف، فدلَّ على أنَّ
الاختلاف مذموم.
فالمقصود من هذا الحديث: أنه يجب عدم التسرع في الإنكار حتى لا يحدث الاختلاف، فلربما جَهِل المنكرُ الحقَّ الذي مع مخالفه، فلا بد من التثبت والتبيُّن، فلا شكَّ أنَّ القرآن أنزله الله بأكثر من حرف، فكان كلٌّ يقرأه على لهجته، وهذا من باب التيسير على الأمة، لأنهم لو أُلزموا القراءة بحـرفٍ واحد، لشقَّ ذلك عليهم،
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد