فإن قيل: الأمر بالمخالفة أمر بالحقيقة المطلقة
وذلك لا عموم فيه، بل يكفي فيه المخالفة في أمر ما، وكذلك سائر ما يذكرونه، فمن
أين اقتضى ذلك المخالفة في غير ذلك الفعل المعيَّن؟
قلت: هذا سؤال
قد يُورده بعض المتكلِّمين في عامّة الأفعال المأمور بها، ويلبِّسون به على
الفقهاء، وجوابه من وجهين:
أحدهما: أنَّ
التّقوى والمخالفة ونحو ذلك من الأسماء والأفعال المطلقة، قد يكون العموم فيها من
جهة عموم الكلّ لأجزائه، لا من جهة عموم الجنس لأنواعه؛ فإنَّ العموم ثلاثة أقسام:
1- عموم الكلِّ
لأجزائه: وهو ما لا يصدق فيه الاسم العامّ، ولا أفراده على جزئه.
2- عموم الجميع
لأفراده: وهو ما يصدق فيه أفراد الاسم العامّ على آحاده.
3- عموم الجنس
لأنواعه وأعيانه: وهو ما يصدق فيه نفس الاسم العامّ على أفراده.
فالأول: عموم
الكلّ لأجزائه في الأعيان والأفعال والصفات، كما في قوله تعالى: ﴿فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ﴾ [المائدة: 6]، فإنَّ
اسم «الوجه» يعمّ الخَدَّ والجبين والجبهة ونحو ذلك، وكل واحد من هذه الأجزاء ليس
هو الوجه، فإذا غسل بعض هذه الأجزاء لم يكن غاسلاً للوجه، لانتفاء المسمّى بانتفاء
جزئه.
وكذلك في الصفات والأفعال إذا قيل: «صَلِّ» فصلّى ركعة، وخرج بغير سَلام، أو قيل: «صُمْ» فصام بعض يوم، لم يكن ممتثلاً؛ لانتفاء معنى الصّلاة المطلقة والصّوم المطلق.
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد