وروى مسلم في «صحيحه»
عن أبي سَعيدٍ رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الدُّنْيَا
حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ
تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ
فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ» ([1]).
فحذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة النساء، معَلِّلاً بأنَّ أولَ فتنة بني
إسرائيل كانت في النساء، وهذا نظير ما سنذكره من حديث معاوية رضي الله عنه أنه
قال: «إِنَّمَا هَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ» ([2])يعني:
وصل الشعر، وكثير من مشابهات أهل الكتاب في أعيادهم وغيرها إنما يدعو إليهـا
النساء.
****
قوله: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ...» هذا مثالٌ ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للدنيا، وتَصَرُّفِ الناس فيها، وقد وصف الله عز وجل الدنيا فقال: ﴿مَّثَلَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ فَأَصۡبَحَ هَشِيمٗا تَذۡرُوهُ ٱلرِّيَٰحُۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقۡتَدِرًا﴾ [الكهف: 45]، وقال: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا يَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَآ أَنَّهُمۡ قَٰدِرُونَ عَلَيۡهَآ أَتَىٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلًا أَوۡ نَهَارٗا فَجَعَلۡنَٰهَا حَصِيدٗا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ﴾ [يونس: 24]، فالدنيا ظلٌّ زائل وعارية مستردّة، فـلا ينبغي للإنسان أن يغترَّ بها، فالله استخلف الناس في هذه الدنيا، بمعنى: أنه جعل بعضهم يخلُف بعضًا، كما قال لأبيهم آدم: ﴿إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ﴾ [البقرة: 30] يعني: أنه يخلف مَن قبله، لا كما يفهم بعض الناس أنَّه خليفة الله،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2742).
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد