فإنَّ الله جل وعلا
ليس له خليفة، وليس بحاجةٍ إلى خليفة، وإنما الله هو الخليفة سبحانه وتعالى كما
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَاللهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» ([1]) فالناس هم الذين
بحاجة لمن يخلفهم. ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم
مُّسۡتَخۡلَفِينَ فِيهِۖ﴾ [الحديد: 7]، ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمۡ
خَلَٰٓئِفَ ٱلۡأَرۡضِ وَرَفَعَ بَعۡضَكُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ﴾ [الأنعام: 165]
فالله يستخلف العباد فيذهبُ جيل، ويأتي جيل، ويموت شخص ويرثه شخص آخر، وهكذا.
وقوله: «فَيَنْظُرُ
كَيْفَ تَعْمَلُونَ...» أي: ينظر الله ماذا نفعل نظر ظهور ووقوع وليس بخافٍ
عليه ما يقع من تصرّفاتنا في علمه السابق الأزلي، فهو يحصيها علينا، ويطّلع عليها
سبحانه وتعالى وإنما يبتلينا بهذا الاستخلاف ليميز الخبيث من الطيب من أفعالنا،
ولأجل أن تقوم الحجة، ثم قال: «فَاتَّقُوا الدُّنْيَا»، أي: اتقوا فتنتها،
فالدنيا لا تُذمُّ لذاتها، فإنها مطيَّة الآخرة، وهي عبارة عن مخلوقات وطيّبات
وأرزاق ومنافع، وإنما الذي يُذمّ هو تصرّف الإنسان فيها، «فَاتَّقُوا
الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ
كَانَتْ فِي النِّسَاءِ»: أي: فاتقوا فتنتها، قال سبحانه: ﴿فَلَا
تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ﴾ [فاطر: 5] لا
تنغرّوا بزينتها وبهرجها، وخذوا من خيرها، واستعملوه في طاعة الله، واستعملوا هذا
الخير في مصالحكم ومنافعكم.
قوله: «وَاتَّقُوا النِّسَاءَ» نصَّ على النساء من بين أنواع الفتنة، فالنساء من جملة فتن الدنيا، وهي أشدُّ من فتنة المال؛ لأنَّ فتنة المرأة تجرُّ إلى
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2937).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد