فروى الإمام
أحمد بإسناد صحيح، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلتُ لعمرَ رضي الله عنه: إن لي
كاتبًا نصرانيًّا، قال: ما لكَ؟ قاتلكَ اللهُ، أما سمعتَ اللهَ يقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا
تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ
بَعۡضٖۚ﴾ [المائدة: 51] ألا اتخذتَ حنيفًا؟ قال: قلتُ: يا أمير المؤمنين، لي كتابَتُه
وله دِينُه. قال: لا أُكرِمُهم إذْ أهانَهُم الله، ولا أعِزُّهم إذ أذلَّهم الله،
ولا أُدنيهم إذ أقصاهم الله.
ولما دلَّ عليه
معنى الكتاب، وجاءت سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسُنَّة خلفائه
الراشدين، التي أجمع الفقهاء عليها بمخالفتهم وترك التشبه بهم.
ففي «الصحيحين»
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ
اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ» ([1]) أمر
بمخالفتهم؛ وذلك يقتضي أن يكون جنس مخالفتهم أمرًا مقصودًا للشارع؛ لأنه إن كان
الأمـر بجنس المخالفة حصل المقصود، وإن كان الأمر بالمخالفة في تغيير الشعر فقط،
فهو لأجل ما فيه من المخالفة، فالمخالفة: إمـا عِلَّة مفردة أو علَّة أخرى، أو بعض
علَّة.
وعلى جميع التقديرات تكون مأمورًا بها مطلوبة للشارع؛ لأن الفعل المأمور به إذا عُبِّر عنه بلفظ مشتقٍّ من معنى أعمّ من ذلك الفعل؛ فلا بد أن يكون ما منه الاشتقاق أمرًا مطلوبًا، لا سيّما إن ظهر لنا أن المعنى المشتقَّ منه معنًى مناسبٌ للحكمة، كما لو قيل للضيف: أكرمه، بمعنى: أطعمه، أو للشيخ الكبير: وَقِّره، بمعنى: اخفضْ صوتك له، أو نحو ذلك. وذلك لوجوه:
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد