×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

أحدها: أنَّ الأمر إذا تعلّق باسم مفعول مشتقّ من معنًى كان المعنى عِلَّة للحكم، كما في قـوله عز وجل: ﴿فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ [التوبة: 5] وقـوله: ﴿فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ ْ [الحجرات: 10] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ»  ([1]) وهذا كثير معلوم.

فإذا كان نفس الفعل المأمور به مشتقًّا من معنى أعمَّ منه؛ كان نفس الطلب والاقتـضاء قد عُلِّق بذلك المعنى الأعم، فيكون مطلوبًا بطريق الأولى.

الوجه الثاني: أن جميع الأفعال مشتقّة، سواء كانت مشتقّة من المصدر، أو كان المصدر مشتقًّا منها، أو كان كل منهما مشتقًّا من الآخر، بمعنى: أن بينهما مناسبة في اللفظ والمعنى، لا بمعنى: أن أحـدهما أصل والآخـر فرع، بمنزلة المعاني المتضايفة كالأبوّة والبنوّة أو كالأخوّة من الجانبين، ونحو ذلك.

فعلى كل حال: إذا أمر بفعل كان نفس مصدر الفعل أمرًا مطلوبًا للآمر، مقصودًا له، كما في قوله: ﴿وَأَحۡسِنُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ [البقرة: 195] وفي قوله: ﴿ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ [النساء: 136] وفي قوله: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۖ [المائدة: 72] و﴿فَعَلَيۡهِ تَوَكَّلُوٓاْ [يونس: 84]، فإن نفس التقوى والإحسان والإيمان والعبادة والتوكل أمور مطلوبة مقصودة، بل هي نفس المأمور به.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5373).