وهذا كما أنَّه
ندبَ إلى الصَّلاة في أمكنة الرَّحمة، كالمساجد الثَّلاثة، ومسجد قُباء، فكذلك نهى
عن الصَّلاة في أماكن العذاب. فأمَّا أماكن الكُفر والمعاصي التي لم يكن فيها
عذاب، إذا جُعلت مكانًا للإيمان والطاعة، فهذا حَسَن. كما أمر النبيُّ صلى الله
عليه وسلم أهل الطائف أن يجعلوا المسجد مكان طواغيتهم، وأمَر أهل اليمامة أن
يتخذوا المسجد مكان بِيعة كانت عندهم، وكان موضع مسجده صلى الله عليه وسلم مقبرةً
للمشركين، فجعله صلى الله عليه وسلم مسجدًا بعد نبش القبور.
****
قوله: «وهذا كما ندب إلى الصلاة في أمكنة الرحمة، كالمساجد الثلاثة...» المقصود: أنَّ الله أمر بالصَّلاة في مواطن الرحمة، والمساجد المؤسَّسة على النِّية الصَّالحة، فأمر بالصَّلاة في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، وقد أسَّسه إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، والمسجد النّبوي، وقد أسَّسه محمَّد صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى، وقد أسَّسه إسحاق بن إبراهيم عليهما السَّلام، فهي مساجد الأنبياء، وبُنِيت بنيَّات صالحة، وسبقت فيها العبادة، فالصَّلاة فيها لها فضيلة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وَمَسْجِدِ الأَْقْصَى» ([1])، وقال صلى الله عليه وسلم: «صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلاَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ» ([2])، فإن الصلاة في المسجد الحرام بمئة ألف صلاة وفي المسجد النبوي بألف صلاة، والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1189)، ومسلم رقم (1397).
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد