وأما القِسم
الثاني من الاختلاف المذكور في كتاب الله فهو ما حُمِد فيه إحدى الطائفتين، وهم
المؤمنون، وذُمَّ فيه الأخرى، كما في قوله تعالى: ﴿تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ
عَلَىٰ بَعۡضٖۘ مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُۖ وَرَفَعَ بَعۡضَهُمۡ دَرَجَٰتٖۚ وَءَاتَيۡنَا عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَيَّدۡنَٰهُ
بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِۗ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِم
مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ وَلَٰكِنِ ٱخۡتَلَفُواْ فَمِنۡهُم
مَّنۡ ءَامَنَ وَمِنۡهُم مَّن كَفَرَۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلُواْ﴾ [البقرة: 253] فقوله: ﴿وَلَٰكِنِ ٱخۡتَلَفُواْ فَمِنۡهُم مَّنۡ
ءَامَنَ وَمِنۡهُم مَّن كَفَرَۚ﴾ حمدٌ
لإحدى الطائفتين - وهم المؤمنون - وذم الأُخرى.
****
اختلاف التنوّع
سائغ، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ» يعني:
القاضي «فَأَصَابَ» أي: أصاب في اجتهاده الحكم الشرعي، «فَلَهُ
أَجْرَانِ»: أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإذا أخطأ فله أجر واحد وهو أجر
الاجتهاد، ويعفو الله عن الخطأ؛ لأنه إنما قصد الحق، فهذا أيضًا يدلُّ على أنَّ
الحاكمَين إذا اجتهدا واختلفا في حكمهما فإنَّ اختلافهما يسمى اختلاف تنوّع وليس
اختلاف تضادّ. ولهذا قالوا: لا يُنقَض حكمُ الحاكم إلاّ إذا خالف نصًّا صريحًا.
قوله: «وإذا جعلت هذا
قسمًا آخر صار الاختلاف ثلاثة أقسام» الأول: اختلاف التضادّ، والثاني: اختلاف
التنوّع، والثالث: الحاكمين المجتهدين ما لم يخالف أحدهما نصًّا صريحًا صحيحًا.
قوله: «القسم الثاني من الاختلاف المذكور في كتاب الله فهو ما حُمد فيه إحدى الطائفتين...» وهو الاختلاف في الاعتقاد،
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد