وهو الذي يذمُّ فيه أحد الطرفين ويُحمد الآخر،
يحمد الذي على الحق، ويذمّ الذي على الباطل، منه قوله تعالى في هذه الآية: ﴿تِلۡكَ
ٱلرُّسُلُ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۘ﴾ [البقرة: 253] هذا فيه دليل
على أنَّ الرسل يتفاضلون، وأفضلهم الخليلان: إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم،
وأفضل الخليلين محمد صلى الله عليه وسلم، فهو أفضل الرسل على الإطلاق، ولكن لا
يعني هذا تنقُّص المفضول، وإنما نذكر هذا التفضيل من باب التحدث بنعمة الله عز وجل
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ» ([1])، بمعنى: لا
تُفاضِلوا بينهم مفاضلةً تَحْمِل على تنقّص المفضول، وقال صلى الله عليه وسلم: «لاَ
تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى» ([2]) فلا شكَّ أنَّ
محمدًا صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل، ومع هذا قال: «لاَ تُفَضِّلُونِي عَلَى
يُونُسَ» يعني: التفضيل الذي فيه تنقص للمفضول، أما إذا كان من باب
التحدّث بنعمة الله على الفاضل فلا بأس.
كما أنَّ الصحابة يتفاضلون
فيما بينهم، وهذا شيءٌ واقع، لكن لا يَحْمِل هذا على تنقّص المفضول والمفاخرة
بالفاضِل؛ لأنَّ هذا شيءٌ لا يجوز شرعًا.
ثم قال سبحانه وتعالى وهذا محل الشاهد: ﴿وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ وَلَٰكِنِ ٱخۡتَلَفُواْ﴾.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6916)، ومسلم رقم (2374).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد