والحاصل: أنَّ السبب في هذه
العقوبة - وهي وقوع القتال بينهم - إنما هو الاختلاف، فهم لـمّا اختلفوا بين مؤمن
وكافر سلَّط الله بعضهم على بعض، وهذا فيه ذم اختلافهم الذي هو اختلاف عقيدة
واختلاف تضادّ؛ لأنهم جاءتهم البينات فما قبلوها وتركوا أمر الشرع وأخذوا بآرائهم
وعقولهم فخالفوا أمر الله، ومن ثَم أدّى هذا إلى القتال فيما بينهم؛ لأنَّ
الاختلاف يؤدي إلى سفك الدماء، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التفرق
والاختلاف، وأمر بلزوم الجماعة والسمع والطاعة لأجل حقن الدماء، واجتماع الكلمة،
قال سبحانه مبيّنًا نوع الاختلاف: ﴿فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ وَمِنۡهُم مَّن
كَفَرَ﴾ وهنا تكمن الخطورة، وهي أنَّ اختلاف التضادّ يؤدي إلى
الكفر.
ثم كرَّر الله قوله
في ختام الآية فقال: ﴿وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلَ﴾ وإنما كرَّر سبحانه وتعالى ذلك ليؤكد أنَّ ما يقع من خيرٍ أو شرٍّ إنما هو
بإرادة الله ومشيئته وأنه بقضائه وقدره، وأنه سبحانه لا يقدّر إلاّ ما فيه الحكمة،
وهو الحكيم الذي يضع الأمور في مواضعها، فلو أنهم اتّبعوا البيّنات، واتّبعوا ما
شرع الله لما حصل بينهم اختلاف، اللهم إلاّ اختلاف التنوّع وهذا لا يضرّ، وأمّا
اختلاف التضادّ فإنه لا يقع مع الرجوع إلى الكتاب والسُّنّة والتمسك بالكتاب
والسُّنّة أبدًا.
***
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد