×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

وقال تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مَّا هُم مِّنكُمۡ وَلَا مِنۡهُم [المجادلة: 14] وهم المنافقون الذين تَولَّوا اليهود باتفاق أهل التفسير، وسياق الآية يدلُّ عليه.

****

قوله: «وقال تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مَّا هُم مِّنكُمۡ وَلَا مِنۡهُم» الآية هنا جاءت في سياق أعمال المنافقين الذين يُظهرون الإسلام، ويُبطنون الكفر؛ لأنَّ في قلوبهم مرض، فزادهم الله مرضًا فوق مرضهم، وقد وصفهم تعالى في غير آيةٍ.من علاماتهم: أنهم يُوالُون الكفار، ويتولّونهم، ويحبّونهم ويناصرونهم ويؤيدونهم ضدَّ المسلمين، ومعنى قوله تعالى: ﴿تَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا أي: أيّدوهم وناصروهم.

وفي سورة الحشر يقول تعالى في وصف هؤلاء المنافقين وكيفية مناصرتهم لكفرة أهل الكتاب: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لِإِخۡوَٰنِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَئِنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُم [الحشر: 11] هكذا وصف الله سبحانه وتعالى مناصرتهم لهم، ثم قال: ﴿وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ أَحَدًا أَبَدٗا وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ [الحشر: 11] فهم يتولّونهم بقولهم: فإنّا لن نُسْلِمَكم، ولئن قُوتِلتُم قاتَلْنا معكم، ولسوف ننصركم، مع أنهم يدّعون أنهم مؤمنون، وهذا دليل على كذبِهم في هذه الدعوى، وقال تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مَن هم الذي غضب الله عليهم؟ إنهم اليهود الذين كانوا في المدينة من بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة، فهم قومٌ غَضِبَ الله عليهم، فدلَّ على أنَّ اليهود مغضوبٌ عليهم، وأنَّ المراد بقوله: ﴿غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ[الفاتحة: 7] هم اليهود ومن سار في ركابهم.


الشرح