وقد قال تعالى
لنبيّه عليه الصلاة والسلام: ﴿لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ﴾ وذلك يقتضي تبُّرؤه منهم في جميع الأشياء، ومن تابعَ
غيره في بعض أموره فهو منه في ذلك الأمر؛ لأنَّ قول القائل: أنا من هذا وهذا مني،
أي: أنا من نوعه وهو من نوعي، لأنّ الشخصين لا يتّحدان إلاّ بالنوع، كما في قوله
تعالى: ﴿بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضٖۖ﴾ [آل عمران: 195]، وقوله صلى الله عليه وسلم لعليّ: «أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا
مِنْكَ» ([1]).
فقول
القائل: لست من هذا في شيء، أي: لست مشاركًا له في شيء، بل أنا متبِّرئٌ من جميع
أموره، فإن الشخصين المختلفين من كل وجهٍ في دِينهما، كلّما شابهتَ أحدهما، خالفت
الآخر.
****
نتشبّه بالكفار في
كلامهم ولباسهم وعاداتهم الخاصة بهم، فكذلك نحن منهيّون أن نتشبّه بهم في التفرّق
في الدين، فالواجب على المسلمين أن ينبذوا خلافاتهم جانبًا ويتمسّكوا بالكتاب
والسُّنَّة حتى يُعزّ جانب الأمّة، ولا يُعدّ الاختلاف في المسائل الفقهية، أو
التي يَسعُ فيها الخلاف اختلافًا مفرِّقًا؛ لأنَّ هذا أمر مطلوب، فالبحث عن الحق
وإقامة الدليل عليه واجب، ولكن علينا جميعًا إن اختلفنا في شيء أن نرجع إلى الكتاب
والسُّنَّة، فنعمل بالرّاجح ونترك المرجوح، فضلاً عن القول المخالف للدليل.
قوله: «﴿لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ﴾ يقتضي تبرؤه منهم في جميع الأشياء» يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم بريء منهم في كل شيء، وقد جاءت كلمة ﴿شَيۡءٍۚ﴾ نكرة في سياق النفي، فهي تعمّ كلَّ شيء،
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد