فأمر بمخالفة
المشركين مطلقًا، ثم قال: «أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى». وهذه
الجملة الثانية بدل من الأولى، فإن الإبدال يقع في الجمل كما يقع في المفردات،
كقوله تعالى: ﴿يَسُومُونَكُمۡ
سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ ْ﴾ [البقرة: 49] فهذا
الذبح والاستحياء هو سَوْم العذاب. كذلك هنا هذا هو المخالفة للمشركين المأمور بها
هنا، لكن الأمر بها أولاً بلفظ: «مخالفة المشركين» دليل على أنَّ جنس المخالفة أمر
مقصود للشارع، وإن عيّنت هنا في هذا الفعل، فإنَّ تقديم المخالفة علّة تقدّم
العامّ على الخاصّ، كما يقال: أكرم ضيفك: أطعمه، وحادثه. فأمرك بالإكرام أوّلاً
دليل على أنَّ إكرام الضيف مقصود، ثم عيّنت الفعل الذي يكون إكرامًا له في ذلك
الوقت.
والتقرير مـن
هـذا الحـديث شبيـهٌ بالتقرير: «لاَ يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ» ([1])، وقد
روى مسلمٌ في «صحيحـه» عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَرْخُوا اللِّحَى وَخَالِفُوا الْمَجُوسَ» ([2]).
****
المقصود: أن من جملة المظاهر التي نُهينا عن التَّشبّه بالكفار فيها -سواءً كانوا من المشركين أو من اليهود أو النصارى أو الأعاجم - مسألة اللِّحى والشوارب، فإن فعل هذه الطوائف يعاكس الفطرة وسنّة الرسل التي هي إعفاء اللِّحى وإكرامها وإرسالها، وإحفاء الشوارب،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3462)، ومسلم رقم (2103).
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد