فإذا كان هذا
التداعي في هذه الأسماء، وفي هذا الانتساب الذي يحبّه الله ورسوله، فكيـف بالتعصّب
مطلقًا، والتداعي للنسب والإضافات التي هي إما مباحة، أو مكروهة؟ وذلك أنَّ
الانتساب إلى الاسم الشرعي أحسن من الانتساب إلى غيره، ألا ترى إلى ما رواه أبو
داود من حديث محمد بن إسحاق، عن داودَ بن حصين، عن عبد الرحمن بن أبي عُقبةَ، عن
أبي عُقبةَ - وكان مولًى من أهل فارسَ - قال: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم أُحُدًا، فَضَرَبْتُ رَجُلاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقُلْتُ:
خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا الْغُلاَمُ الْفَارِسِيُّ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «هَلاَّ قُلْتَ خُذْهَا مِنِّي، وَأَنَا
الْغُلاَمُ الأَْنْصَارِيُّ» ([1] حَضّه
رسول الله صلى الله عليه وسلم على الانتساب إلى الأنصار، وإن كان بالولاء، وكان
إظهار هذا أحبّ إليه من الانتساب إلى فارس بالصراحة، وهي نسبة حق، ليست محرمة.
ويشبه - والله
أعلم - أن يكون من حكمة ذلك: أنَّ النفس تُحامي عن الجهة التي تنتسب إليها، فإذا
كان ذلك لله كان خيرًا للمرء.
فقد دلّت هذه
الأحاديث على أنّ إضافة الأمر إلى الجاهلية يقتضي ذمّه والنهي عنه، وذلك يقتضي
المنع من أمور الجاهلية مطلقًا، وهو المطلوب في هذا الكتاب.
****
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد