فكتبتُ ما
حَضَرني السّاعـة، مع أني لـو استوفيتُ ما في ذلك مِن الدَّلائلِ وكلامِ العلماءِ،
واستَقرأتُ الآثارَ في ذلك، لوجدتُ فيه أكثر مـمّا كتبتُه.
ولم أكن أظنُّ
أنَّ من خاضَ في الفِقه، ورأى إيماءاتِ الشّرعِ ومقاصدِه وعِلَلَ الفقهاء
ومسائِلهم يشك في ذلك.
****
وهذا يدلُّ على
غَزارَة عِلمِه رحمه الله وعلى عظِيم فِقهِه، فإنه كَتب ما استحضَره من ذاكرتِه
وفي وقتٍ قصيرٍ هذا الكتاب الجليل العظيم المؤصَّل والـمُقَعَّد، المدعوم بالأدلة.
وهذا من تمام
تواضُعهِ رحمه الله وعدمِ اغترارِه بعمله وعِلمِه، وأنه لو بَحث ونَقَّب في الآثار
لوجد الشيء الكثيرَ، ولكنه أتى بهذا الكتاب في هذه الساعة التي ألَّفه فيها، لأجل
سدِّ الحاجة.
قوله: «ولم أكن أظن» يعني أنه يَتعَجَّب
ممن خاض غمار العلوم الشرعية من فقهٍ ومقاصدَ ومسائل، ثم بعدَ ذلك يَشُكّ في تحريم
مشابهة الكفار.
وللأسف فإنَّنا نجد
هذا الصنف ممّن يُنسبون إلى العلم وليسوا من أهله، وإنما هم متعالِـمون، أو هم
ممّن يَتَّبِعون المتشابه ويتركون المحكم، أو هم مِن العلماء الذين أضلَّهم الله
على عِلم، فهم يَعلمونَ الحقيقة ولكن إنما يقصدون المال أو الشهرة، أو إرضاء فلانٍ
من الناس، وهؤلاء اشتروا دُنياهم بآخرتهم، فصاروا يحثّون الناس على التشبه بالكفار
وعدم التخلف عن الركب كما يقولون.
***
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد