×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

وأما اختلاف التّضادِّ فهو القولان المتنافيان: إما في الأصول، وإما في الفروع، عند الجمهور الذين يقولون: المصيب واحد، وإلاّ فمن قال: كل مجتهدٍ مصيب فعنده هو من باب اختـلاف التنوّع، لا اختـلاف التضادّ.

****

قوله: «وأما اختلاف التضادّ...»: هو القولان المتنافيان، فإن كان هذا الاختلاف في الأصول - أي: في العقيدة - فهو لا يجوز؛ لأنها توقيفية، وإن كان الاختلاف في الفروع عند الجمهور على القول أنَّ المصيب من المجتهدين واحد فلا يجوز، وأما الذين قالوا: كل مجتهد مصيب فإنه يكون من اختلاف التنوّع وهو جائز، والمثال على ذلك: قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه عقب انتهاء غزوة الأحزاب: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُم العَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» ([1]). حين خرجوا إليهم، وفي أثناء مسيرهم حانت صلاة العصر في الطريق، فبعضهم توقّف وصلَّى وقال: مراد الرسول صلى الله عليه وسلم المبادرة والمسارعة، وليس المراد أننا نؤخّر صلاة العصر عن وقتها ثم نصليها في بني قريظة، والبعض الآخر قالوا: مراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا نصلِّي إلاّ إذا وصلنا، فلم يصلُّوا في الطريق، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأقَرَّ الطائفتين؛ لأنَّ الدليل يحتمل القولين.

***


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (946)، ومسلم رقم (1770).