وأما اختلاف
التّضادِّ فهو القولان المتنافيان: إما في الأصول، وإما في الفروع، عند الجمهور
الذين يقولون: المصيب واحد، وإلاّ فمن قال: كل مجتهدٍ مصيب فعنده هو من باب
اختـلاف التنوّع، لا اختـلاف التضادّ.
****
قوله: «وأما اختلاف
التضادّ...»: هو القولان المتنافيان، فإن كان هذا الاختلاف في الأصول - أي: في العقيدة
- فهو لا يجوز؛ لأنها توقيفية، وإن كان الاختلاف في الفروع عند الجمهور على القول
أنَّ المصيب من المجتهدين واحد فلا يجوز، وأما الذين قالوا: كل مجتهد مصيب فإنه
يكون من اختلاف التنوّع وهو جائز، والمثال على ذلك: قول الرسول صلى الله عليه وسلم
لأصحابه عقب انتهاء غزوة الأحزاب: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُم العَصْرَ
إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» ([1]). حين خرجوا إليهم،
وفي أثناء مسيرهم حانت صلاة العصر في الطريق، فبعضهم توقّف وصلَّى وقال: مراد
الرسول صلى الله عليه وسلم المبادرة والمسارعة، وليس المراد أننا نؤخّر صلاة العصر
عن وقتها ثم نصليها في بني قريظة، والبعض الآخر قالوا: مراد الرسول صلى الله عليه
وسلم أن لا نصلِّي إلاّ إذا وصلنا، فلم يصلُّوا في الطريق، فبلغ ذلك النبي صلى الله
عليه وسلم فأقَرَّ الطائفتين؛ لأنَّ الدليل يحتمل القولين.
***
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد