×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

وهذا الاختلاف المذموم من الطرفين، يكون سببه تارة فساد النيّة لِـما في النفوس من البغي والحسد وإرادة العلو في الأرض بالفساد، ونحو ذلك، فيُحِبُّ لذلك ذمّ قولِ غيره أو فعلِه، أو غلبته ليتميز عليه، أو يُحِبُّ قول مَنْ يوافقه في نسبٍ أو مذهب أو بلدٍ أو صداقة ونحو ذلك، لِـما في قيام قوله من حصول الشَّرف له والرِّئاسة، وما أكثر هذا في بني آدم، وهذا ظلم.

****

 المقصود: أنَّ هذا الاختلاف مذموم من الطرفين؛ لأنَّ كلا منهما خالف الحق ورفضه، ومن يرفض الحق يتيه في عماية الباطل، قال سبحانه: ﴿وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَفِي شِقَاقِۢ بَعِيدٖ [البقرة: 176] والله جل وعلا قال: ﴿فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ [البقرة: 137]، فلما لم يؤمنوا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وقعوا في الاختلاف، الذي له أسباب أعظمها وأخطرها اتّباع الهوى واتّباع رغبات النفس، والدافع إليه إنما هو طلب الرئاسة والكبر والاستعلاء على الناس، وهؤلاء هم الذين يريدون علوًّا في الأرض وفسادًا - نسأل الله العافية - وهذا ظلمٌ؛ لأنه مخالفة للحق وضلال، وظلم لأنه يحمل على التظالم بين المختلفين، فترى كلّ طائفة تبغي وتطغى على الأخرى، وتريد أن تستبد بالأمر دون الأخرى، وهذا لا شك أنه مذموم غاية الذم.


الشرح