ويكون سببه
تارة أخرى جهل المُخْتَلِفَيْنِ بحقيقة الأمر الذي يتنازعان فيه، أو الجهل بالدليل
الذي يرشد به أحدهما الآخر، أو جهل أحدهما بما مع الآخر من الحق في الحكم أو في
الدليل، وإن كان عالمًا بما مع نفسه من الحق حكمًا ودليلاً.
****
هذا السبب هو الجهل، وهو أخف من الأول، وإن كان
مذمومًا؛ لأنَّ المفروض أن يَسأل الجاهل أهل العلم، ولا يعتمد على رأيه فإنه سيضل
الطريق لا محالة، قال الله عز وجل: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن
كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، فلمَّا لم يسألوا أهل العلم وركبوا
رؤوسهم، وتمادوا في جهلهم وظنوا أنهم علماء، اختلفوا فيما بينهم وتناحروا حتى آل
الأمر بهم إلى المشاحنة وظلم بعضهم بعضًا، وهذا واقع كثير من الناس اليوم، خصوصًا
المتعالمين الذين تتلمذوا على الكتب دون أن يجثوا على الرُّكب عند العلماء، ودون
دراسة المقررات الدراسية المنضبطة.
فالواجب على الجاهل
أن يتوقف عن السير في طريق الجهل وأن يبادر إلى التعلُّم حتى يتبيَّن الحق،
والتعلم ميسور ولله الحمد، وإذا لم يمكنه التعلّم وعجز عنه عليه أن يسأل أهل
العلم، ثمّ إذا لم يمكنه التعلّم ولا سؤال أهل العلم، فلا أقلّ من أن يعترف بجهله
ويتوقف إلى أن ييسِّر الله له ما يُبدد جهله.
فالخلاصة: أنَّ الجهل
ناشئ عن أمرين اثنين:
الأول: أنه يجهل هل القول الذي يقول به صواب أو خطأ، فهو شاكّ في مدى صحته، فهذا هو الذي حمله على المضي في ضلاله.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد