والثاني: الجهل بالدليل الذي
يَبْني عليه؛ لأنَّ الرأي وحده لا يكفي، ولا بد أن يكون مربوطًا بالدليل ولو كان
معه دليل لما ضلَّ، قال تعالى: ﴿قُلۡنَا ٱهۡبِطُواْ مِنۡهَا جَمِيعٗاۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ﴾ [البقرة: 38]، ﴿فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ﴾ [طه: 123].
وهذا يصدقه قوله
تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ
وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا وأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا
ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا﴾ [الأحزاب: 72]، يخُبر
سبحانه وتعالى في هذه الآية أنه عرض الأمانة - وهي التكاليف الشرعية - عرض تخيير
لا عرض إلزام على السماوات والأرض والجبال، فأبيْن أن يحملنها، أي: اخترنَ العافية
والسلامة ﴿وأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا ﴾ يعني: أنَّ الذي حمَل الأرض والسماوات والجبال
على عدم تحمّل الأمانة إنما هو الإشفاق منها، يعني: الخوف من تبعتها، فإنَّ هذه
المخلوقات العظيمة آثرت السلامة على الغنيمة، ولذلك أَبَيْنَ أن يحملنها ﴿وَحَمَلَهَا
ٱلۡإِنسَٰنُۖ﴾ أي: آدم وذريته من بعده
طمعًا في الأجر والثواب، فآثروا الغُنم والرجاء على الخوف والغُرْم، ثم انقسموا
إلى أقسام ثلاثة:
منهم: من رفض القيام بالأمانة ظاهرًا وباطنًا وهم المشركون والمشركات، قال الله عز وجل: ﴿لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ﴾ [الأحزاب: 73].ومنهم: من تحمّلها ظاهرًا دون الباطن وهم المنافقون والمنافقات، أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر. ﴿وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ﴾ [الفتح: 6].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد