×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

والثاني: الجهل بالدليل الذي يَبْني عليه؛ لأنَّ الرأي وحده لا يكفي، ولا بد أن يكون مربوطًا بالدليل ولو كان معه دليل لما ضلَّ، قال تعالى: ﴿قُلۡنَا ٱهۡبِطُواْ مِنۡهَا جَمِيعٗاۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ [البقرة: 38]، ﴿فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ [طه: 123].

وهذا يصدقه قوله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا وأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا [الأحزاب: 72]، يخُبر سبحانه وتعالى في هذه الآية أنه عرض الأمانة - وهي التكاليف الشرعية - عرض تخيير لا عرض إلزام على السماوات والأرض والجبال، فأبيْن أن يحملنها، أي: اخترنَ العافية والسلامة ﴿وأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا يعني: أنَّ الذي حمَل الأرض والسماوات والجبال على عدم تحمّل الأمانة إنما هو الإشفاق منها، يعني: الخوف من تبعتها، فإنَّ هذه المخلوقات العظيمة آثرت السلامة على الغنيمة، ولذلك أَبَيْنَ أن يحملنها ﴿وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ أي: آدم وذريته من بعده طمعًا في الأجر والثواب، فآثروا الغُنم والرجاء على الخوف والغُرْم، ثم انقسموا إلى أقسام ثلاثة:

منهم: من رفض القيام بالأمانة ظاهرًا وباطنًا وهم المشركون والمشركات، قال الله عز وجل: ﴿لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ [الأحزاب: 73].ومنهم: من تحمّلها ظاهرًا دون الباطن وهم المنافقون والمنافقات، أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر. ﴿وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ [الفتح: 6].


الشرح