×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

وأيضًا عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا»، يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاَثِينَ ([1]). رواه البخاريُّ ومُسْلم، فوصف هذه الأُمَّة بتَرْك الكتاب والحساب الذي يفعله غيرهـا من الأمم في أوقـات عباداتِهم وأعيادِهم، وأحالها على الرؤية، حيث قال في غير حديث: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» ([2])، وفي رواية: «صُومُوا مِنْ وَضَحٍ إِلَى وَضَحٍ» ([3])، أي: من الهِلال إلى الهِلال.

****

قوله: «حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه...» هذا الحديث من الأدلة على تحريم التشبّه بالكفار في صورة من صور العبادة، وإن كانت العبادة لها وجود في الأصل، فنخالفهم في صفة الأداء، ومثال ذلك هذا الحديث، فإن صيام يوم عاشوراء مشروع في الأصل، فهو عبادة لله عز وجل فقد صامه موسى عليه السلام شكرًا لله على النصر، وهكذا ينبغي للمسلمين إذا انتصروا أن يشكروا الله عز وجل، لا أن يعملوا الحفلات ويأتوا بالمطربين، فهذا موسى عليه السلام صام لله شكرًا لـمّا نجاه وبني إسرائيل وأغرق فرعون وقومَه، فاليهود كانوا يصومون هذا اليوم بناءً على هذا الأصل، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وكان اليهود يصومون هذا اليوم سألهم عن صيام يوم عاشوراء؟


الشرح

([1])      أخرجه: البخاري رقم (1913)، ومسلم رقم (1080).     

([2])      أخرجه: البخاري رقم (1909)، ومسلم رقم (1081).     

([3])      أخرجه: الطبراني في الكبير رقم (504).